حسن بن فرحان المالكي
فيما يتعلق بأبي هريرة
سبق أن كتبنا عنه وحاولنا التوسط فيه بعلم وقلنا أن الخلاف فيه استمر من عهد الصحابة إلى عصرنا، والتوسط أفضل.
وحقيقة قد أتعبنا هذا الرجل فكلما دافعنا من جانب انبثق علينا جانب آخر
وصلته بكعب الأحبار ثقافياً وبمعاوية سياسياً كان لهما أثر في أحاديثه.
لا نريد أن نظلم الرجل فالظلم حرام كله ولا نريد أن نقبل على نبي الله ما لا يتفق مع القرآن ولا مع ما صح عنه فلابد من التحرز في النقل عنه
وقصة أبي هريرة كبيرة.. وطويلة ولا يتسع لها المقام لكن أحاديثه في
الجملة ضارة، إما تخالف القرآن أو ما هو أصح منها وفيها من الغرائب
الكثير وفي الوقت نفسه قد تجد له مواقف جيدة وأحاديث عليها سيما الصحة وتحيط بها القرائن والحواضن..فليس حكمي عليه عاماً إنما
تفصيلي ..
وقد أخبر سعيد بن المسيب ( وهو زوج ابنة أبي هريرة): أن معاوية كان يرسل له المال فيسكت، وإذا منع عنه المال تكلم! ( وصح الإسناد عن سعيد)
وقد كان أبو هريرة يلمح إلى سوء معاوية وظلمه بقوله في صحيح البخاري (لو حدثتكم بما أعلم لقطعتم هذا البلعوم) أي أن معاوية يقتل من حدث بأحاديث.
والأحاديث التي يمنعها معاوية هي الأحاديث في ذمه أو الأحاديث في
فضائل الإمام علي وأهل البيت لذلك كان معاوية يرسل له المال ليسكت
فيسكت! والنص في سير أعلام النبلاء - (ج 2 / ص 615)
(عن ابن المسيب، قال: كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية، سكت، فإذا
أمسك عنه، تكلم) وسنده صحيح.
ومثل هذا إذا أمسك عن الحديث وكتمه من أجل المال فهذا جرح ولا أقل
من أن يقال أنه محل شبهة على أقل تقدير.
لا يمكن أن يمر مثل هذا الخبر هكذا بل أحياناً يعترف أبو هريرة نفسه اعترافات جريئة فيعترف أن بعض الأحاديث التي ينسبها إلى النبي تكون من كيسه هو وهذا لا أدري كيف يجرؤ عليه ففي صحيح البخاري ت - (ج 13 / ص 388) حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ تَقُولُ الْمَرْأَةُ إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي وَيَقُولُ الْعَبْدُ أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي وَيَقُولُ الِابْنُ أَطْعِمْنِي إِلَى مَنْ تَدَعُنِي
فَقَالُوا يا أَبا هريرة سمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسولِ اللَّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ؟
قَالَ لَا هذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ اهـ
فهذا اعتراف جريء جداً ولا يجوز أن يمزح بهذا ولم يفصل بين قول النبي وقوله إن كان يقصد أنه زاد في الحديث ثم هذه ليست وحدها هناك قصص كثيرة .
وقد روي عن الإمام علي ( إن أكذب الأحياء على رسول الله لأبو هريرة)
واتهمته عائشة بالإكثار والسرد وكذبه الزبير بن العوام في أحاديث وغيرهم فرجل اختلف فيه الصحابة والتابعون ويعترف بأن بعض الأحاديث من كيسه ويشتري منه معاوية السكوت ويأتي بأحاديث منكرة وغريبة
لأهل أن يُشك فيه.
وأنت من حقك أن تشك لا أقول كذبه ولا صدقه شك فيه فقط تأنّ في
النقل عنه راقب أحاديثه اعرضها على القرآن وما صح عن غيره وقواطع
الإسلام وهكذا.
وعندما أقول هو متهم لا يعني أني أقر التهمة أنا أستطيع أن أنقل عن
صحابة وعن تابعين وعن نفسه ما يؤكد وجود شبهة في صدقه..لكن لا أجزم.
فالأحرى بطالب العلم أن يتأنى لأن قبول أحاديث أبي هريرة لابد أن يسيء بعضها إلى النبي وإلى إبراهيم وإلى موسى وغيرهم..فهم أولى
بالحماية منه.
وعندي بحث طويل في أبي هريرة وأحاديثه وفيه كلام وفي الرواة المكثرين عنه وفيهم كلام أيضاً وفي الرواة عن الرواة عنه وفيهم كلام أيضاً .
وأحاديث أبي هريرة من العوائق الكبرى التي تعوق المسلم عن تدبر
كتاب الله .
من تشبع بأحاديث أبي هريرة لابد وأن ينعكس ذلك على ثقافته بالضرر
وهذا هو الواقع للأسف فنحن نرى أهل الحديث قديماً وحديثاً معرضون عن كتاب الله وتدبره بسبب الإكثار من الحديث والشغف به ولأبي هريرة نصيب وافر.
ولا أريد التوسع الآن وإلا فأمهات المؤمنين رددن حديثه وصحح ذلك أهل الحديث والزهري اتهمه وصجح ذلك أهل الحديث وقال شعبة: كان أبو هريرة يدلس!
الخلاصة أن بعض كبار أهل الحديث قالوا فيه ما لا يعرفه كثير من الحديث المعاصرين أو أنهم يكتمون ذلك كما يكتمون التكفير في الدرر السنية.
وأكرر لا أدعو إلى تكذيبه مطلقاً ولا إلى تصديقه مطلقاً فقط لا تستعجلوا في قبول حديثه .
يا أخي اعرضوا حديثه على القرآن وعلى حديث غيره وقارنوا .
وأختم بالقول:أنت كإنسان / كباحث/ من حقك أن تشك في أي حديث تراه يخالف كتاب الله أو يطعن في نبي من الأنبياء أو يأتي بأمور
يصعب تصديقها ولكن شك بعلم وصدق بعلم ورد بعلم دعك من الخصومة ومجاراة أهل الجهل والشتائم , الموضوع بحث علمي اقرأ ورد منه ما لم تؤمن به وخذ ما تؤمن به بس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق